رأيعبد الله علي إبراهيم

مذبحة الضعين شفاء الكتابة أم تشفيها: الأكاديمي “الآبق”

عبد الله علي إبراهيم

“قرر الدكتور عشاري بفرمان عال من فوق حصانه الأخلاقي التبكيتي الطفولي الجامح المعتاد أن يحتفل بمرور 30 عاماً على مذبحة الضعين في 1987 التي قُتل فيها نفر جم من شعب الدينكا بيد الرزيقات. ولا ندري لم اختار الثلاثين لتذكر تلك المذبحة وكتابه عنها “مذبحة الضعين والرق في السودان”. والكتاب بيضة ديك عشاري الأكاديمي الآبق مما سنوفي بيانه لاحقاً. والثلاثون من الأعوام مما لا يتوقف عندها متذكر مثل مواقيت أخرى معروفة إلا من مثل عشاري الذي ينبثق التاريخ عنده متى “ترك الأحلام” وصحا. وأنشر هنا عرضاً لكتابه عن المذبحة كتبته فور صدور الكتاب ونشرته في جريدة الأيام، ثم أعدت نشره في كتابي “الثقافة والديمقراطية” الصادر في 1996. وتوسعت في محامد الكتاب ومآخذه في فصل طويل بكتابي عنوانه “أخرجت البادية أثقالها وقال الأنسان مالها”. وسيصدر الكتاب في طبعة ثانية وشيكة. فإلى نص التقييم.
سيضيق نفر كثير بكتاب “مذبحة الضعين والرق في السودان” (1987 ) لسليمان بلدو وعشاري أحمد محمود، المحاضرين بجامعة الخرطوم الذي تحريا فيه الأحداث المؤسفة التي وقعت وتقع في بلدة الضعين، بغرب السودان، منذ نهاية مارس 1987 والتي راح ضحيتها عدد لم يُحصر بعد من أبناء الدينكا، الجماعة السودانية الجنوبية، قتلاً واسترقاقاً بواسطة شعب الرزيقات من عرب البقارة المسلمين. فكشف المستور في قماشة علائقنا الإثنية (العرقية) والاجتماعية ليس تقليداً فكرياً ووطنياً معلوماً.
ولذا كانت أحداث مثل أحداث الضعين (التي ليست هي الأولى في هذا الباب بالطبع) إما غابت تدريجياً في غياهب النسيان في الشمال أو روج لها أهل جنوب السودان تظاهرهم في ذلك وسائل إعلام ودوائر سياسية يشتبه أهل الشمال في نواياها. وبين الصمت من جهة واقتصار كشف ديناميكيات مثل هذه الحوادث على المجني عليهم ضاع من بين أيدينا جنس مهم من الكتابة السياسية هو التحقيق الشامل الذي يتحرى فيه الكاتب مظلمة ما من كل وجوهها ليبصر الناس بمداها، وقواها، ومغزاها، وخلفياتها، وما يترتب عليها، وما ينبغي عمله بشأنها. وهذا الضرب من الكتابة السياسية هو غير “تقرير لجنة التحقيق” الذي يصدر عن لجنة مكونة من قبل الحكومة. ولدينا عينة ناضجة من الضرب الأخير في التقرير للحكم الذي تحرى أحداث عام 1955 في الجنوب.
ونقول عرضاً هنا إنه لمن المخجل أن يسقط في الجمعية التأسيسية (1986-1989) الاقتراح الداعي لتكوين لجنة للتحقيق في أحداث الضعين، موضوع كتاب السيدين بلدو وعشاري. إن حاجتنا إلى التحري المستقل في مثل ما قام به السيدان بلدو وعشاري حاجة ماسة. فلا مستقبل لنظام الديمقراطية عندنا إذا انفردت الحكومة أو الجهة المتضررة، سواء من الحكومة أو غيرها بإذاعة وجهة نظرها في الأحداث المعينة، بوصفها الحقيقة التي لا معقب عليها. وسيحتاج كل مواطن لا يعتز برأيه فحسب، بل بالطريقة التي يكوّن بها ذلك الرأي، إلى أن يستمع إلى جلّ إن لم يكن كل وجهات النظر المعنية. إن ذلك من حق عقلنا وفؤادنا علينا كما هو أصل في المواطنة المدعوة إلى الانشغال الحق بأمر الوطن لا إلى مجرد التصفيق أو اللعن. ولهذا نحمد لبلدو وعشاري خروجهما بهذا التحقيق مفتتحين جنساً في الكتابة السياسية لا يقوم النظام الديمقراطي إلا به.
يعيب كتاب بلدو وعشاري مع ذلك ميله القوي إلى الفضح والتأجيج مما أبعده إلى حد كبير عن جنس التحقيق السياسي وقربه كثيرًا إلى عرض حال المظلوم. وقد يُعزى ضيق من ذكرنا من الكتاب إلى سيادة هذا الميل الفضحي. وربما زكى هذا الميل الكتاب لدوائر مختلفة رأت فيه أن شهد شاهد من أهله (أي أنه صارت تصدر عن بعض أهل الشمال مثل بلدو وعشاري اتهامات لأهليهم الشماليين بشأن سوء معاملة أهل الجنوب). وقد انتهى هذا الميل بالكاتبين إلى هدم عناصر التماسك واستقلال الاستقصاء في تحريهما هدماً كبيرًا.
فما يعيب كتاب خرج مؤلفاه للتحقيق في أحداث الضعين، متطوعين مستقلين،
أن يمتنعا في الوقت ذاته عن التماس رأي الرزيقات المعتدين، أو ممثلي الحكومة في الضعين. وهم الممثلون الذين شهّر المؤلفان بدور الفراجة الذي اتخذوه حيال توالي الأحداث ممن نشرا قائمة بأسمائهم على صفحتي 44 و45. ولم يتصل المؤلفان بأيٍّ من جماعة الرزيقات على معرفتهما بالمحركين والمنفذين منهم للمذبحة في الضعين وعمليات الاسترقاق. فقد اتصل المؤلفان فقط بتلميذ عمره 12 عاماً تصادف أن تطابقت روايته مع الرواية العامة للشهود من الدينكا الذين اعتنى المؤلفان بإفاداتهم. وهذه خطة في التحقيق مخلة. ولا أدري كيف ساغت للكاتبين أصلاً وهما على ما نعرفه من تمام التأهيل الأكاديمي.
ولعل أبلغ دلائل هدم المؤلفين لمنهج التحقيق هو تأخيرهما تحليل جذور المذبحة ليأتي كالفصل الرابع من الكتاب، بعد أن انشغلا في الفصول الثلاثة السابقة
بملاحقة بوليسية دارجة للقتلة من الرزيقات، بوصفهم قتلة عاديين لا طاقم ممثلين في دراما سياسية، اقتصادية، اجتماعية. وهي الدراما التي فصَّل الكاتبان عناصرها الطبقية الاجتماعية بسداد كبير في فصلهما الرابع. ومن أسخف أدوار هذه الملاحقة الكيدية إشارتهما المتكررة لرجل من الرزيقات متهم عندهما بالهمة في تعقب وقتل الدينكا. أشار الكاتبان له مرة بـ “أحدهم معروف اسمه ص 23” ومرة أخرى كـ “أحد عرب الرزيقات معروف باسمه ووظيفته ص 28″، ومرة ثالثة بـ “الشخص المعروف باسمه ص 28”. ولم يزح الكاتبان الستار عن هذا الشخص إلا على صفحة 43 لنعرف أن أول حروف اسمه هما (أ، ن) وأنه رزيقي وكموسنجي بسوق مدينة الضعين، وقد امتلك عربة منذ وقت غير بعيد. فلماذا هذا الطريق الطويل إلى الأذن؟ ولماذا هذه المرمطة لإنسان من حقه أيضاً أن تعرض بينات اتهامه بشكل موجز ودقيق؟ وهذا التطويل مما يذكر بمكايدات الأطفال وغير الأطفال مما لا يصح في مجال الاتهام بالذبح.
لقد أدى تأخير الفصل الرابع المتعلق بجذور المذبحة في بنية المجتمع الرزيقي، المتغير من جراء السياسات القومية والجنوبية، إلى نتيجة أخرى مؤسفة. فقد جاءت صور التضامن الرزيقي والحكومي مع الدينكا إبان المحنة (انظر صفحات 35، 47، 49، 50، 51، 52، 54، 75)، من مثل تبليغهم بقرب وقوع المذبحة، ومساعدتهم على الهرب وإيواء الناجين منهم، بلا إطار مرصود في صلب التحقيق. فقد وردت هذه الرموز الحية من التضامن كوقائع متناثرة عشوائية في سياق المذبحة. وكان خليقاً بالكاتبين، اللذين قصدا بكتابهما حماية الكيان السوداني على مبادئ حقوق الإنسان، أن يحتفلا بهذه الرموز احتفالاً كبيرًا، ويشددا عليها منهجياً. فهذه الرموز، مهما يكن من أمر، أبقى من الضحايا والقتلة والثأرات. فقد حفظت مثل هذه الرموز السودان دائماً واحداً بعد كل كارثة أو مذبحة. ولا ينبغي لكاتب يؤرقه مستقبل السودان الواحد أن يخطئ التقاط هذه الرموز وإبرازها في صميم منهجه. فالبكاء، وأمَرُ البكاء، ما كان في آخر الأمر على الحي، لا على الميت. وهو البكاء الذي يضمد الجراح حقاً حين يستأنف الوطن مسيرته الجريحة الطويلة. فمما يشفى القارئ، وهو يتابع مسلسل الأحداث الحزين، أن يقف على شهامة عمدة منطقة “أبو مطارق” الرزيقي الذي جاء إلى نجدة نسابته من الدينكا، وحملهم على اللواري إلى بر الأمان. إن إيراد الكاتبين لهذا الموقف، كواقعة عادية، يخفي
النسيج الأقاربي المعقد الذي جرت فيه أحداث الضعين، وهو النسيج الذي أملى على الدكتور فرانسيس دينق بعض كتبه عن حزام العلاقات العربية والأفريقية في مناطق تداخل البقارة والدينكا.
يقصر احتفال الكاتبين بملاحقة الرزيقات كقتلة عاديين حتى عن وجهات نظر بعض شهودهم من الدينكا. فقد أظهر بعض هؤلاء الشهود سعة في النظر السياسي لم تقع حتى للكاتبين نفسيهما. فقد قال إيرياك بيول، من الدينكا، على صفحة 55 من الكتاب: إن الكتلونا إلا هم المسئولين… كتلانا حكومة… ما كتلانا مواطنين.. (لم يقتلنا أحد سوى المسئولين، قتلتنا الحكومة، لم يقتلنا المواطنون)”. وهذه النظرية عينة ممتازة فيما نسميه (في التحليل الأخير). وهو عندي أصوب من نظرة الكاتبين، اللذين انشغلا عن هذا التحليل الدامغ الخطر، بغمز ولمز الرزيقات كقتلة عاديين. ومن نماذج هذا التقدير السليم لبعض شهود الدينكا ما جاء على صفحة 47 من الكتاب على لسان أحدهم يرد تقاعس ضابط بوليس الضعين إلى غريزة الخوف البشري. قال الشاهد:
– هو (ضابط البوليس) ذاتو انخلع، ذاتو خاف عديل كدي. قاعد يخاف عديل. جسمو ذاتو انقلب، انقلب عديل. راسوا انقطع، تعليمات اليقولو ذاتو (لم يعرفها). لانو بقى خايف. خاف عديل. أي قعد مرة واحدة وخلى العساكر.
وبالمقارنة مع هذه الشهادة ليس في تحليل الكاتبين مجال لخائف خانه فؤاده أو خذلته ركبته. فالتقاعس عندهما مردود إلى جذر بسيط هو التآمر. وفي الحالين، حال نظرة أرياك بول وحال تفسير تقاعس ضابط بوليس الضعين، يود القارئ لو اعتبر الكاتبان حكمة شهودهما في بعض وجهات تحريهما. وعندي أن مصدر حكمة الشهود قائم في اعتبار المذبحة استثناءً قبيحاً في علائق العيش القديم بينهم والرزيقات، وهي العلائق التي لا فكاك لهم أو للرزيقات منها، في حين يعد الكاتبان المذبحة خاتمة المطاف وسبباً لشق الجيوب.
ويعيب الكتاب أيضاً أنه مكتوب بعجل. وسنضرب صفحاً عن إيراد الكاتبين لخاتمة الكتاب، التي تحدد اتجاهات العمل حيال المذبحة ونواتجها (صفحة 69)، قبل الفصل السادس الذي تناول عودة الرق إلى السودان. والرق ناتج من نواتج المذبحة فيما ذهب
إليه الكاتبان. وهذا تهويش لا أحب أن يقبله الدكتوران من طالب مبتدئ حيث يدرسان بالجامعة. وقد تَركت هذه العجلة بعض الخيوط معلقة؛ من ذلك عدد وموقف بعض جنود القوات المسلحة الذين تصادف وجودهم أثناء تعاقب أحداث الضعين. فقد جاء أنهم ثلاثة (صفحة 24 و25) بينما هم أربعة (صفحة 34 وصفحة 53). وجاء على لسان الشهود أن هؤلاء الجنود دافعوا باستقامة عن الدينكا الذين ركبوا القطار ليسوقهم إلى مدينة نيالا بعيداً عن المذبحة (صفحات 24 و25)، غير أن الكاتبين عادا ليقررا أن أقوال الشهود تضاربت حول دور أولئك الجنود أثناء المذبحة (صفحة 53). وهذا مما يفاجئ القارئ الذي لم ير، لا الكاتبين ولا الشهود، يطعنان في مسلك هؤلاء الجنود.
إنني أقدر وأتعاطف مع الروح الليبرالية (أو الثورية إن شئت) التي أملت على الكاتبين كتابهما. ولا يخفى أنهما تخطياً موانع إثنية صعبة ليقدما هذه الشهادة لصالح
الدينكا. وهي شهادة ربما دسّها الكثيرون، أو تملصوا منها بتبرير أو آخر. لقد لقي هذا الموقف تقريظ السيد بونا ملوال في “سودان تايمز” (31/8/1987) من قبلي. ولكني أختلف معهما فيما قد يترتب على هذه الروح الليبرالية إن لم تحصن نفسها بموقف دقيق بإزاء النقطة المركزية في السياسة السودانية. ألا وهي الحفاظ على الديمقراطية والسهر على غرسها عميقاً في الوطن لأنها خيار الشعب في ثورتين، وحيال مسألة الجنوب
بشكل خاص. قد يكون للجماعات الجنوبية أسبابها الوجيهة أو غير الوجيهة للابتعاد عن العملية الديمقراطية التي جرت في بلادنا منذ انتفاضة أبريل 1985 ضد حكم النميري (1969-1985). لربما صدتهم مخاوفهم التاريخية أو الحاضرة عن المؤسسة البرلمانية الديمقراطية، أو ربما أغرتهم قوتهم – كجيش شعبي للتحرير – بها. وهذا كله مفهوم. وسيرتكب مع ذلك الليبراليون أو الثوريون في شمال السودان خطأً فادحاً غير مغتفر إن لجوا عن مركزية الخيار الديمقراطي ليعقدوا صفقات تفهم أو تفاهم مع الجماعات الجنوبية بمعزل عن ذلك الخيار وتبعاته. أخاف أن يتحول الليبرالي الشمالي إلى “ديمقراطي” بلا مؤسسة ديمقراطية، وأن يتحول “الثوري” إلى فوضوي قلبه على كل الحرائق الكبرى. ومخاوفي نابعة من قبول بلدو وعشاري للمنطق الذي يعقد ببجيش (شعبي / إثني – هو الجيش الشعبي لتحرير السودان) مهمة نشر الأمان لطائفة خاصة من السودانيين دون غيرها. ويقول الكاتبان في معرض قبولهما لهذا المنطق ما يلي:
“وقد تكررت هذه الهجمات الكثيرة (من جانب الرزيقات) بحدة في فبراير من ذات العام، واستمرت إلى أن كثف جيش التحرير وجوده في المنطقة في مايو – يونيو 1986، وتمكن المواطنون الدينكا من الزراعة تحت حمايته. ص 60”.
ويسود هذا المنطق أيضاً في عبارة الكاتبين التالي:
“فكانت الأبقار المنهوبة أيضاً السبب الرئيسي لهجوم قوات الجيش الشعبي على منطقة سفاهة”.
إننا لا نستبعد إخفاق الجيش القومي السوداني أو حتى تخاذله المبيّت عن حماية جماعة أو رقعة ما. وليس هذا ببدعة في إدارة الدولة وسياساتها. وإذا وقع مثل
هذا الإخفاق أو التخاذل وجب شجبه وكسب الجيش والشعب معاً ليأتمر الجيش بدوره الدستوري. أما أن يذيع كاتب – ومن مواقع الليبرالية ومنابرها – كفاءة جيش منشق أو خارج أو حتى ثوري في الدفاع عن جماعة معينة، فهذه دعوة سافرة للفوضى. إن ذلك من باب صب الحرائق على الجراح، وهذا مما لن يذر قواماً أو مقاماً للوطن ذاته.
قدم بلدو وعشاري بصدد كشف أحداث الضعين عرضحالاً، لا تحقيقاً، كما زعما. وهو عرضحال يتطلب منا جميعاً مواجهة وقائعه الصعبة، ونتائجه المترتبة، وخيط دمائه الذي لم يجف، بأرق شديد، وحزن كثير، ودبارة حازمة. وابتداء ذلك أن تراجع الجمعية التأسيسية نفسها، وتجيز بنقد ذاتي معلن الاقتراح الذي أسقطته والرامي إلى تكوين لجنة تحقيق في أحداث الضعين وذيولها. لتخاف الجمعية الله في هذا الشعب والوطن، وإلا فكيف تسقط اقتراحاً يدعو إلى التحقيق والتحري.
وترافق مع تحول كتاب بلدو وعشاري إلى عرضحال هَدْمٌ متصل لاعتبارات مرعية في كتابة التحقيق السياسي. وأهم هذه الاعتبارات أن ينفتح المحقق على كل وجهات النظر، وأن يتمتع بحساسية عالية للتضاريس السياسية المحلية والعالمية مما ينأ به عن الكيد. وأن يحتضن في عرضه عناصر المستقبل والخير في العلاقات التي يتحراها حتى يقدم صورة للمستقبل الرازح في عنت الماضي والحاضر. وهذه الخصال في الحقيقة خليقة أن تجعل كتابه مقروءًا للجمهور الأوسع. لقد انتهى الكاتبان إلى عرضحال قوي مؤثر عن شقاء الدينكا واكتفيا من الجمهور الأوسع لكتاب في بابه بالجمهور الضيق. وقد يفسر هذا الإقبال أحادي الجانب الذي يلقاه الكتاب حالياً.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للتفاعل مع الكاتب 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ