رأي

شنق الرفاق

 

فاروق عثمان

حق تقرير المصير كما هو معلوم ضرورة، حق إنساني أصيل للقوميات والشعوب التي تعاني تهميشا واضطهادا وتفرقة في بلدانها،ومنصوص عليه في المعاهدات والقوانين الدولية التي كتبت وفق المعيار الأخلاقي الإنسانى.

جبال النوبة حالها كالجنوب (دولة جنوب السودان) في التهميش بشقيه التنموي والثقافي ووقع عليها ظلم تاريخي طيلة العهود السابقة التي حكمت السودان بعد خروج المستعمر الانجليزي طوعا،ولكن تختلف عنه اي الجنوب في انها قومية واحدة مع فوارق بسيطه ولكن تظل هي قومية واحدة تعرف بالنوبة عكس الجنوب الذي تتعدد فيه القوميات.

الخلافات العميقة التي ضربت اعاصيرها جسد الحركة الشعبية جعلت رفقاء الأمس يكيلون التهم لبعضهم البعض في معركة انتصار الذات التي ترفع اسلحتها من بين براثن الأنا اللعينة.

ياسر عرمان ومالك عقار اللذان كان في كابينة القيادة برفقة الحلو طيلة السنوات التي تلت انفصال الجنوب بهيمنة شبه مطلقة او لنقل بدواعي المرحلة كما اسمياها والتفويض الثوري الذي دائما ما يكون الدرقة الجاهزة التي تشرع في وجه الخصوم اذا ما رفع بعضهم عقيرته بالشكوي او التململ وهذا التفويض الثوري هو ما يفتح نفاج الانتقال الي برزخ الدكتاتورية، لتصبح اشنع وأسوأ من الدكتاتوريات التي تحاربها ذات الحركات.

علي كل ظهر في خضم التراشق الدائر رحاه بين الطرفين إتهام مجموعة عرمان/عقار للحلو بأنه صاحب اجندة انفصالية ويسعي إلى حق تقرير المصير، وهم هنا يلجاءان الي تكتيك يعوزه الذكاء، وتنقصه الحكمه وهما ما يفتقداه ويفقترا اليه، فبعد ان حسم الجيش الشعبي أمره امتثالا للقواعد التي تعاني التقتيل والتشريد والتجويع في حرب ابادة ممنهجة ومستمرة، وانحيازه لهذه القواعد ،لم يعد لياسر ومالك من خط دفاع الا محاولة استدرار عطف الحلفاء من تنظيمات الوسط ومثققيه وحشدهم كجيش معنوي مقابل انحياز الجيش الفعلي لصالح الحلو او بالأصح لصالح مطالب أهلهم، وتصوير ان الحلو ماهو الا محض انفصالي وكأنما حق تقرير المصير اضحي شتيمة.

ونسي او تناسي او تغابي ياسر ورفيقه انهم دافعو عن هذا الحق بمعية استاذهم ومعلمهم د.جون فكأنما هنا يشتمان قرنق بأثر رجعي و يتفلان تعوذا من تاريخهم. فذات الحق الذي دافعا عنه بمعية قرنق منذ مؤتمر القضايا المصيرية في اسمرا، والذي كان وحدويا ولكن وحدة وفق شروط، ان إنتفت شروطها فالافضل لقومه ان يعيشو في وطن ثاني مواطنين من الدرجة الأولي، وغض النظر عن مالات الإنفصال للجنوب يظل هذا الحق أصيلا باعترافهم.

الشي الآخر ياسر عرمان الذي يجرم الحلو لتبنيه الإنفصال وهو شي ضمائري، ولم يدخل ياسر في ثنيايا روح الحلو ليجزم بهذا الشي، ولكن في ذات الاثناء ياسر له دور في انفصال الجنوب فان كان يدري فهذه مصيبة وان كان لا يدري فالمصيبة أعظم واجل.

فياسر فوت فرصه تاريخية لا تعوض كان من الممكن أن تجعله زعيما يضاهي قرنق او حتي مانديلا الذان يسعي في لاوعيه ان يكون مثلهما او أحدهما، فحين دفعت به الحركة للانتخابات بعد ان حزم سلفا امره وقرر الاتجاه نحو خط الاستواء، كان من الممكن لعرمان ان يكون قائدا وملهما وموحدا اذا ما أستمر في حملته والتي حتي بعد انسحابه قاربت أصواته اصوات البشير رغما عن التزوير وزهد الكثيرين عن المراقبة لها او التصويت فيها بعد ان باعهم ياسر في سوق المحاصاصات والتوازنات بين الشريكين وجبن ان يواصل بل الاصح ان نقول لم يكن قدر أن يكون عظيما وعجزت مقدراته المحدودة ان يري افق الاشياء وفق منظور الرؤية العميقة والنظر البعيد، فاثر ان يكون محدودا لا يري ابعد من ارنبة انفه وما تحت قدميه، وحتي لا نظلم الرجل ربما هي سقوف افقه وتفكيره ومقدراته، ودرجة تحمله للقيادة، التي أثبت انه بعيدا عنها بفراسخ مأهولة، والمؤسف ان عرمان إلى الآن لم يعتذر او يبرر للملايين التي وقفت معه ودعمته وساندته فاي استخفاف واي استهتار بالناس اكثر من هذا وكيف لهم ان يثقو فيه او يعتمدو عليه مجددا؟! .

الخلاصه ان عرمان وعقار يحاولان شنق الحلو بفرية حق تقرير المصير والانفصال ولا يدريان ان هذا الحبل سيشنقهم اولا قبل ان يلتف حول رقبة الحلو المفتري عليه.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الزول ده ورمتو ورم يا استاذ. بس هو استاهل اكبر سياسي مستهبل. ده غير بلاويه الاخلاقيه.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ