شمائل

شمائل النور تكتب.. بِمَن نَحتمي إِذَاً؟

شمائل
شمائل النور

“خرجت من مكان العمل في صحيفة (التيار) بشارع المك نمر كالمعتاد وفضّلت السير بالأقدام حتى المحطة الوسطى بالخرطوم بحري حيث أسكن، وذلك بسبب أزمة المُواصلات التي تَمر بها العاصمة هذه الأيام. وكان ذلك في حوالي الساعة الثامنة مساءً.

وأثناء سيري بالكوبري تفاجأت بشخصين يسيران في اتجاه الخرطوم، بينما أسير أنا في اتجاه بحري، وعندما اقتربت منهما قام أحدهما بإحكام قبضته على يدي التي أحمل بها الهاتف، والآخر استل سكيناً ووضعها في “بطني” مهدداً بالطعن في حالة مقاومتهما، وأمراني بترك الهاتف.

مَمَر المُشاة يخلو من المَارّة، فيما توجد سيارات مُتحرِّكة أعلى الكوبري، تركت الهاتف وأخذه الشخص الذي كان مُمسكاً بيدي وهربا في الاتجاه الآخر في اتجاههما إلى منطقة بحري”.

ما سُرد أعلاه ليس مُحاولة لكتابة قصة قصيرة مُرعبة، هذا حَدَثَ بالفعل قبل أقل من أسبوع لأحد الزملاء، ونشرته (التيار) قبل يومين.
ثُمّ يواصل سرده.

“حاولت مُطاردتهما حتى نهاية الكوبري في اتجاه بحري، ووقتها اختفيا بعد أن قفزا من على سور الكوبري في الناحية الشرقية على يمين الشارع، وبعد بَحثٍ ومُطاردةٍ بمعاونة بعض المُواطنين، اتضح أن اللصين المُسلّحين دخلا إلى المنطقة العسكرية شرق الكوبري جهة بحري، جوار المتحف الحربي، حيث اتّضح في نهاية الأمر أنّهما نظاميان لكن في منطقة اخرى وبمُعاونة بعض النظاميين الذين يرتكزون في هذه المنطقة تَمّ انتزاع الهاتف المسروق وإعادته لصاحبه، ومن ثَمّ تسليم اللصين إلى الوحدة المُشرفة عليهما لتقديمهما إلى محاكمة عسكرية حسب ما أفاد الخبر.

هذه القصة المُوجعة من كل زواياها، لا تنعي الأمن في العاصمة، بل قلب العاصمة وأكثر المَناطق التي يُفترض أن تكون آمنةً، هذه القصة تضعنا جميعاً أمام صُورة قَاتمةٍ، لو كان اللصان من مُعتادي الإجرام ووقعا في قبضة هذه القوات النظامية لكانت المصيبة واحدة وهي أن نلطم على انعدام نعمة الأمن، لكن المُصيبة مُركّبة، فاللصان نظاميان يَستخدمان وضعيتهما لنهب المارّة، وحَسب ما توارد أنّ هذه ليست الحادثة الأولى.!!

لا أدري إن كانت وحدتهما سوف تُحاسبهما بالفصل أم لا، أم لا تُحاسبهما، لكن هل هذه القضية، القضية أكبر من مُحاسبة أو “سُترة”..القضية أن يتحوّل نظاميون إلى قطّاع طُرق، ينهبون المارة، والقضية الأكبر، أنّ هؤلاء الذين ينهبون المارّة، يفعلون ذلك فيما يبدو بوضوح كي يوفروا قُوت يومهم، أو نصف يومهم.

حينما يتحوّل النظامي إلى لصٍ أو قاطع طريقٍ وبتهديد السلاح، فبمَن يحتمي المُواطن إذا ألمّ به أمرٌ…؟؟؟؟ هذه فجيعة!!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ