ملفات

“سوشيال ميديا”، منصات إلكترونية بمعركة رفع السودان من لائحة الإرهاب

الجماهير: أيمن المدو

لم تقتصر معركة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، على الأجهزة الرسمية للدولة، ولكن شملت الشعب السوداني – بأجمعه – لاسيَّما الثوار الذين أحدثوا التغيير بالإطاحة بحكم البشير في أبريل 2019، فقد كان لهم عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي دورٌ بارزٌ؛ قلَّما يذكر.

السودانيون على منصات التواصل الاجتماعي (سوشيال ميديا) كانت لهم أدوار مهمة إبَّان عهد  الرئيس المخلوع عمر البشير.

المتتبع للشأن  السوداني منذ  مجيءِ ثورة ديسمبر يلاحظ  تكامل الأدوار بين  قوى  الثورة، ومقدرتها في تطويع  هذه المنصات  نحو القضايا القومية، وعلى رأسها وجود السودان على القائمة الأمريكية للإرهاب،  وبالتالي درجت هذه المنصات على حث منظمات المجتمع المدني الأمريكية للضغط على الإدارة الأمريكية لشطب اسم السودان من تلك القائمة، لإفساح المجال أمام قاطرة التحوُّل الديمقراطي في السودان للتقدُّم.

الانفتاح العالمي

كمال كرار – عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي

يرى عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني، كمال كرار،  أنَّ قوى الثورة السودانية، ومنظماتِ المجتمع المدني؛ بإسقاطها لنظام الإنقاذ الفاسد والإرهابي، وضعت أول لبنةٍ نحو الانفتاح العالمي. وأضاف: “كان حَريًّا بالمجتمع الدولي أن يُكرِّم قوى الثورة بنيشان، بعد إزاحتها كابوس البشير”، موضحًا في حديثه لـ(الجماهير)، أنَّ قوى الثورة قامت بأدوارٍ مساندةٍ للحكومة الانتقالية، في سياق رفع العقوبات الاقتصادية عبر توجيه (السوشال ميديا) لخدمة هذا الغرض، جازمًا بأنَّ هذه المجهودات أفضت إلى تليين مواقف الكونغرس الأمريكي تجاه السودان.

حديث الجهر

من جهته، لفت رئيس منظمة الشفافية السودانية، د. الطيب مختار، إلى ما أسماها الأدوار الجليلة التي قامت بها قوى الثورة السودانية، ومنظمات المجتمع المدني في تشكيل وتطويع منصات التواصل الاجتماعي؛ من خلال الهاشتاق، والتغريد لأجل دفع المجتمع الدولي للضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لرفع السودان من قائمة الإرهاب.

وأكَّد مختار، في حديثه لـ(الجماهير)،  أنًّ هذه المكونات الوطنية كانت لها أدوار أساسية فيما أُحرز من تقدُّمٍ في مسألة العقوبات الاتحادية، مبينًا أنَّ ما تتحدث به قوى الثورة، ومنظماتُ المجتمع المدني جهرًا؛ لا تستطيع الحكومة بالمقابل أن تتحدث به سرًّا،  داعيًا للاستفادة من جهود قوى الثورة في تعبيد الطريق نحو تطبيع العلاقات مع أمريكا بصفة مستدامة، مشيرًا إلى مطالبتهم للمسؤول السياسي في السفارة الأمريكية بالخرطوم – كقوى مدنية – برفع السودان من قائمة الإرهاب.

الجهود الشعبية

الجهود الرسمية التي بذلتها الحكومة السودانية، بُعَيْدَ قيام ثورة ديسمبر  على نطاق  المستويات الدبلوماسية،  في سياق  الخروج من فك العقوبات الأمريكية ولائحتها، التي  زجت  بالسودان فيها عامَ 1993، لم تكن، بحسب المراقبين، خافية على أحد، بيد أنَّ هناك ثمة مجهوداتٍ شعبيةً جبارة  كانت مساندة  وموازية للجهد الرسمي بذلتها قوى الثورة ومنصات (السوشيال ميديا)، والهاشتاقات، لكنَّها ظلَّت  حبيسةَ أركان النقاشات بالأسافير؛ دونَ الاحتفاء بها على المستوى الرسمي، بحسبان أنَّها كانت تمثل الذراع الشعبي  الموازي  للجهود الرسمية هذا ما ذهب إليه الناشط في منصات (السوشال ميديا) الصحفي بصحيفة (الجريدة)، عيسي جديد، والذي أشار إلى أن قضية رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للإرهاب ظلت  تؤرق أفراد الشعب السوداني  كافة.

عيسى جديد – صحفي سوداني

دور كبير

وقال جديد، في حديثه لـ(الجماهير)، إنَّه ومنذ أن قامت ثورة ديسمبرَ المجيدة واقتلعت  النظام الإسلاميَّ، الذي تسبب في أزمة وضعِ اسم السودان في قائمة الدول الرعاية للإرهاب، برزت حملاتٌ للشباب الناشطين على مواقع التواصل؛ عبر التغريدات والهاشتاقات، وأحيانًا الفيديوهات المباشرة للمطالبة برفع العقوبات. شكَّلت هذه الحملات رأيًا عامًّا ضاغطًا وعكست واقعًا مغايرًا لما قبل الثورة ولفت عيسى جديد، إلى أنَّ الثورة جاءت بمفاهيم الحريَّة والديمقراطية والدولة المدنية التي تحترم الآخر وتقبله وفق قوانين تحترم الإنسانية ضدَّ التمييز الديني والعنصرية؛ مما ساهم في لفت انتباه العالم لهذه الثورة وشبابها والتغيير الإيجابي للمجتمع السوداني ومطالبته بحقه في أن يكون جزءًا من العالم.

 وأكَّد جديد، أنَّ كل تلك  الحملات المساندة على (السوشيال ميديا) من قوى الثورة والهاشتاقات، كان لها دورٌ كبيرٌ في الاختراق الذي حدث. وقال إنَّ هذه الجهود كانت موازية للجهد  الحكومي المتمثل في الزيارة التي قام  بها رئيسا  مجلس السيادة والوزراء للولايات المتحدة والدفع بطلب رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب.

بذرة ناضجة

 الزيارة التي قام بها  في السادس من يونيو  من  العام 2015 م وفد من الإدارات الأهلية في السودان  إلى أمريكا، بقيادة رجل الأعمال عصام الشيخ، في إطار أطلق عليها حينها المبادرة الشعبية لحث الإدارة الأمريكية على رفع العقوبات الاقتصادية، كانت – وبحسب محللين – البذرةَ الناضجة في تحسين العلاقات بين الشعبين، حيث كان الوفد حينها يضم  14 ناظرًا من عدة قبائل سودانية؛ مكثوا  في الولايات الأمريكية لأسبوعين، لكن هل استطاعت هذه الزيارة  في حينها إذابة جبل الجليد بين واشنطن والخرطوم؟

على خط المواجهة

الخبير الدبلوماسي السفير السابق بوزارة الخارجية السودانية الرشيد أبو شامة، أكَّد أنَّ هذه الزيارة شكَّلت رأس الرمح، وتلتها أدوار شعبية أخرى من السودانيين المقيمين في الولايات المتحدة؛ الذين قاموا بتصعيد القضية إلى مراكز صنع القرار الأمريكية، على مستوى مجلس الشيوخ (الكونغرس)،  بجانب مقابلتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

 وقال أبو شامة لـ(الجماهير)، إنَّ هذه التحرُّكات جرت بُعَيْدَ الإطاحة بنظام البشير، مبينًا أنَّ الجاليات السودانية في أمريكا لعبت – كذلك – أدوارًا إعلامية واجتماعية مهمة للترويج وسط المجتمع الأمريكي للمعاناة التي يعيشها السودانيون بسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية المفروضة على السودان منذ ثلاثة عقود.

ميقات رفع  الحظر

سفير السودان في الولايات المتحدة نور الدين ساتي

على كلٍّ، إنَّ الخرطوم  حبست أنفاسها  ترقُّبًا لإعلان الإدارة الأمريكية شطبَ السودان من قائمة  الدول الراعية للإرهاب نهائيًّا، وهذا ما أعلن عنه سفير السودان في الولايات المتحدة نور الدين ساتي،  في تصريح له الأربعا ء الماضي،  أنَّ رفع اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب سيتم في 11 ديسمبر المقبل، لكن ذلك لم يحدث.

قرار تنفيذي

وبحسب تقاريرَ، فإنَّ شطب اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، سيتم في الحادي عشر من ديسمبر، لكنَّ هذا التاريخ هو الذي ستكتمل فيه مدة الـ45 يومًا، بعد رفع القرار التنفيذي الذي أصدره ترامب، للكونغرس الأمريكي.

مساعد وزير الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية، تيبور ناجي، أوضح في تصريحات الجمعة، هذه النقطة قائلًا: “إنَّ الولايات المتحدة لم تعد في خصومة مع حكومة السودان، وباتت تعدُّها – الآن – شريكًا، إلا أنَّ رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب عملية إجرائية”.

وأضاف: “إنَّها ليست حدثًا، وليست كالنَّقر على زر مفتاح المصباح. إنَّها عملية إجرائية، ونحن نتحاور بشكل مكثَّف ومتواصل مع السودانيين بخصوص كيفية الشروع في ذلك”.

وفي أكتوبر 2020، قرَّرت الإدارة الأميركية شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بناءً على اتفاق بين الخرطوم وواشنطن في أغسطس، يقضي بدفع 335 مليون دولار؛ كتعويضاتٍ لأسر ضحايا تفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، العام 1998، والبارجة “يو إس كول” في اليمن العام 2000

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ