تقارير

جنوب السودان.. تراجع الآمال في السلام مع تحول الولاءات وتشعب الحرب

 

بقلم :  ديفيد لويس

عندما فر زعيم المتمردين ريك مشار من جوبا عاصمة جنوب السودان العام الماضي ساعده الجنرال ساكي جيمس بالاوكو في الفرار من الضربات الجوية التي نفذتها القوات الحكومية وتفادي قوات الجيش ودخول جمهورية الكونجو الديمقراطية المجاورة.

حتى ذلك الحين لم يكن بالاوكو قد لعب سوى دورا صغيرا في الحرب الأهلية بأحدث بلد في العالم لكنه ساعد حركة التمرد بقيادة مشار على الاستمرار في وقت أوشكت فيه على الهزيمة.

ولإحباطه مما يراه ضعفا في قيادة مشار غير بالاوكو ولاءه مرة أخرى هذا الشهر وانضم لجبهة الخلاص الوطني وهي فصيل متمرد ناشئ يقوده نائب رئيس أركان الجيش السابق توماس سيريلو سواكا.

وقال بالاوكو لرويترز عبر الهاتف من قلب الأدغال “للأسف يبدو أن مشار وحراسه نسوا سريعا التضحيات التي قامت بها قواتي التي أنقذت حياته في يوليو 2016”.

وتابع يقول بلغة انجليزية ضعيفة “القيادة سيئة للغاية…الجنود يحتاجون طعاما ودواء. تلك الأشياء ليست متوفرة”.

لم يكن بالاوكو شخصية قيادية في الحرب الأهلية المستعرة منذ نحو أربعة أعوام التي تشهد صراعا بين أكبر جماعتين عرقيتين في البلاد وهما الدنكا والنوير.

لكن انشقاقه يكشف سرعة تبدل الولاءات في الحرب وكيف تتشعب سريعا، إذ تستعر المعارك في الوقت الراهن على كثير من الجبهات وفي كثير من الأحيان تندلع بسبب مشاكل محلية مثل سرقة الماشية وأماكن الرعي.

وأدت الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف وشردت نحو أربعة ملايين وهم ثلث عدد السكان كما أثارت خصومات قديمة بين الدنكا والنوير وجماعات عرقية أخرى لتسلط الضوء على هشاشة البلد الوليد.

وقال الباحث في شؤون جنوب السودان آلان بوزويل ” صراع كير ومشار يخفي دائما أزمة كبرى. جنوب السودان لم يكن (بلدا) مركزيا مطلقا. إنه مجموعة من الطوائف المتنوعة”.

 فرق تسد

حدد معهد الدراسات الأمنية في جنوب أفريقيا أكثر من 40 ميليشيا مختلفة في الحرب بجنوب السودان. وقد زاد العدد مع حدوث انقسامات داخل العديد من الجماعات المقاتلة.

وصب تشرذم قوات المعارضة في صالح الحكومة وهو من أسس استراتيجيتها لمواجهة التمرد.

وبدا كير، وهو الرئيس منذ الاستقلال، عازما على تقسيم حركة مشار والنوير على وجه العموم عندما عين تعبان دينق قاي كبير مفاوضي المتمردين السابق نائبا للرئيس بعد فرار مشار من جوبا في العام الماضي.

وتكرر استخدام أسلوب “فرق تسد” في مختلف أنحاء البلاد بسلسلة من اتفاقات السلام مع جماعات محلية وصفتها الحكومة بأنها متمردة رغم نفي قوات مشار أن هذه الميليشيات حليفة لها.

وانهارت أيضا جهود السلام الدولية.

ولم تجد الولايات المتحدة والقوى الغربية، التي أشرفت على مولد جنوب السودان، حلا لوقف العنف. وأخفقت استراتيجيات دعمتها واشنطن ومنها تهميش مشار.

وأطلق جنوب السودان حوارا وطنيا لكن مشار المحتجز في جنوب أفريقيا رهن الإقامة الجبرية لا يشارك في المحادثات.

أيضا أدى الشلل في السياسة الخارجية الأمريكية إلى اضطلاع الزعماء الإقليميين بالسعي من أجل السلام. لكن وبدلا من التحدث بصوت واحد عمل الزعماء على أساس ثنائي.

وتضطلع إثيوبيا بالدور الرئيسي لكن وثائق اطلعت عليها رويترز أظهرت أن رئيس أوغندا يوويري موسيفيني يقوم أيضا بجهد مواز للتغلب على الخلافات بين مشار وكير بناء على طلب الأخير.

وقال بوزويل إن الأولوية الآن بالنسبة لجيران جنوب السودان هي احتواء الصراع والحيلولة دون امتداده عبر الحدود والحفاظ على مناطق نفوذهم.

وأضاف “فشلت الخطة الكبرى. كل الدول خفضت سقف آمالها لتهدئة الموقف بغية حماية مصالحها الخاصة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ