رأيعمر قمر الدين

تفاصيل ماجرى في البيت الأبيض ليلة رفع العقوبات عن السودان

عمر قمر الدين
خرجت لتوي من اجتماع في البيت الابيض قدمت فيه الادارة الامريكية تلخيصاً لمسألة تعليق العقوبات علي السودان قبيل إعلانه بواسطة الرئاسة الأمريكية.
و علي ذمة مسئولي الحكومة الامريكية الذين قدموا التلخيص، فإن قرار اليوم كان نتاجاً للعديد من اللقاءات الشهرية بين الإدارة و نظام الخرطوم اتسمت بالصراحة و الموضوعية و تمحورت حول عدة نقاط أبرزها،  انخفاض مستوي العنف في مناطق النزاع بدليل أن جميع السنوات السابقة شهدت ” حملة الصيف” ضد مواقع التمرد إلا هذه السنة. و زيادة ملحوظة في معدلات الوصول إلي المتضررين من الحروب في كل مناطق العمليات بلا حوادث تذكر. إلى جانب التزام حكومة السودان بدعم السلام في جنوب السودان  بالامتناع عن دعم المناوئين للرئيس سلفا كير.
كذلكسمحت حكومة السودان لحكومة الولايات المتحدة بتقديم الدواء و المعينات الانسانية للمتضررين في مناطق النزاع. و عدلت في إجراءات مفوضية الشئون الانسانية و أصبح الحصول علي الفيزا و تصاريح التنقل – ما عدا في مناطق العمليات – اصبح اسهل من ذي قبل.
كماازداد التعاون في ملف جيش الرب و سمح للامريكان بالتأكد من مناطق كان يشتبه في وجود جيش الرب بها. و تم السماح لفريق يتبع لإدارة الحياة البرية الامريكي من التحقق من تجارة العاج و  المنتجات الغابية التي تم الحصول عليهابطرق غير شرعية. و اخيرا تعاون السودان في ملف الإرهاب من دون أي تفاصيل.
لذلك أدى التفاوض بين الإدارة الامريكية و النظام السوداني لتعليق القرارات الرئاسية السابقة رقم “١٣٠٦٧” و القرار رقم “١٣٤١٢” و استبدالهما بقرار اليوم القاضي برفع مشروط للعقوبات العامة و التي بموجبها سيستفيد السودان من نقطتين اساسيتين.
أولاً، بإمكان السودان ابتداء من الثلاثاء القادم إجراء المعاملات البنكية مع كل بنوك العالم الراغبة في التعاون معه، بما في ذلك البنوك الامريكية و من خلال عملتها “الدولار”.
 وبموجب ذلك فقد تم فك تجميد الارصدة السودانية في أمريكا و البالغ قدرها ثلاثين مليون دولار بعضها يتبع للقطاع الخاص و بامكانهم تقديم الطلبات لاستردادها، و البعض الآخر حكومي و هي في الغالب ستذهب لدفع جزء من التعويضات المستحقة علي السودان.
و بذا فان قانون سلام دارفور لم يتم المساس به لأنه أتي نتيجة قانون من “الكونجرس” و سيبقي وضع السودان في قائمة الدول الداعمة للارهاب و أهمية ذلك انه لن يمكن السودان من الاستفادة من أية قروض كما لا يمكنه حتي الحديث عن إعفاء الديون.
و بإمكان السودان الآن أن يشتري قطع الغيار من أمريكا كما بامكانه شراء معدات طبية أو زراعية جديدة و لكن لا يمكنه ذلك من شراء معدات عسكرية و الأجهزة المتقدمة و الأجهزة ذات الاستعمال المشترك “dual use” و هذه من المحظورات التي يتقاطع فيها قانون سلام دارفور مع نقاط أخري في العقوبات.
و من المؤكد الآن أيضا أن العقوبات الموجهة و الذكية ستبقي في مكانها و التي تشمل ما يزيد علي 160شركة سودانية و عدد من الأفراد و آي أفراد او شركات سيتم إضافتها مستقبلاً.
و بعد أن قمنا بعرض احتمالات المكاسب بالنسبة لحكومة السودان كما بينا من خلال الملخص المقدم من الإدارة للمحظورات و التي لا تزال قيد العقوبات تعالوا لننظر الي المجالات ال5 و التي اعتبرت كعلامات رقابة للإدارة القادمة للبيت الابيض لنري ما لم تشتمل عليه القائمة و الذي في رأينا المتواضع أنه بيت القصيد.
بالنسبة  للقائمة و التي تشتمل – علي سبيل المثال – علي القضايا الغنسانية و التعاون في ملف الاإرهاب و قضايا السلام في جنوب السودان، فإنها تجاهلت عن عمد يصل حد الاهمال لمسائل الحوكمة و استدامة السلام و التحول الديموقراطي.
ففي إجابة لأحد المسئولين عن سؤال توجهت به إلي الإدارة عن القصد من إهمال هذا الامر بالذات و عن أنه سيفتح الباب أمام الحكومة للاعتقاد أنه بامكانها فعل ما تريد لوقف الحراك السياسي في البلاد، كانت الإجابة صاعقة في أن ثامبو أمبيكي يعمل علي هذا الملف من ضمن أشياء اخري تعني بخارطة الطريق و الحوار الوطني.
و في مواجهة ذلك ما كان مني إلا أن قلت “هل لا يشكل أمر التحول الديموقراطي أي أهمية للإدارة الامريكية لدرجة ترك الأمر لامبيكي؟؟.
فقاطعني نفس المسئول قائلاً :”لا لم نترك الأمر برمته لامبيكي و قد تحاورنا في هذا الشان مع المسئولين السودانيين” . عدت مرة أخري و قلت مقاطعاً هذه المرة ” و لكن الحكومة – و في فترة ال6 أشهر والتي أكدتم فيها إنكم كنتم تحصون عليها انفاسها – قد قامت باكبرانتهاكات لحرية الصحافة و صادرت الصحف بعد طباعتها و مارست الإعتقال و العنف ضد السياسيين و الشباب الساعين للتغيير و بالأمس القريب منعت سفر الدكتور امين مكي للقاهرة لعملية زرع كلية …” و هنا قاطعني للمرة الثالثة قائلاً ” اننا الآن في حوار مع النظام بخصوص أمين..”… و قبل أن ينفض الاجتماع بسؤالي الأخير قلت إن الامر يتجاوز الدكتور أمين مع اعتبارنا لحالته الخاصة، ليعبر بشكل ما عن ما هو متوقع من هذا النظام حال افلاته من الرقابة.
ونواصل..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ