أخبار

أزمة “مجلس الشركاء” تضع أطراف الانتقال في السودان على المحك

الخرطوم: الجماهير

دخل مجلسا السيادة والوزراء الانتقاليين، مجددًا في أتون أزمة جديدة، وذلك، إثر إعلان رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، تشكيلَ مجلس شركاء الفترة الانتقالية، على نحو مخالف – حسب مجلس الوزراء – للمشاروات التي دارت في بحر الأيام الماضية بين مكونات الفترة الانتقالية، ما قد يدفع البلاد إلى العودة أدراجها لمربع الخلافات التي تهدد مستقبل علاقة شركاء الحكم الانتقالي في السودان.

دعوة للمراجعة

ومع أصوات الرفض العالية في الشارع السودان من عدد من المكونات؛ لا سيَّما لجان المقاومة التي تمسك بزمام الشارع، سارع مجلس الوزراء إلى رفض قرار رئيس مجلس السيادة بتكوين مجلس الشركاء ودعا جميع الأطراف لمراجعة قرار التشكيل والاختصاصات على ضوء الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية والتي تحدد مهام كل مستويات الحكم وتضمن عبور البلاد لبر الأمان.

مهام معلنة

وأصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الخميس، قرارًا قضى بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية برئاسته، وعضوية (28) آخرين.

ارشيف

وحسب قرار مجلس السيادة، فإنَّ مهام مجلس الشركاء هي: توجيه الفترة الانتقالية بما يخدم المصالح العليا للبلاد، حل التباينات في وجهات النظر بين الجهات المختلفة، حشد الدعم اللازم لإنجاح الفترة الانتقالية وتنفيذ مهامها الواردة في الوثيقة الدستورية واتفاق سلام جوبا لسنة 2020، إصدار اللوائح المنظمة لأعمال المجلس، أي سلطات أخرى لازمة لتنفيذ اختصاصاته وممارسة سلطاته، يحِقُّ لأي طرف من مكونات المجلس تغيير أي من أعضائه، يجوز للمجلس الاستعانة بمن يراه مناسبًا، ودعا القرار جميع الجهات المختصة لوضع القرار موضع التنفيذ.

هذه الاختصاصات كانت هي الشرارة التي قدحت الخلاف مع المكون التنفيذي، ودفعت بمجلس الوزراء لإصدار بيان الجمعةَ، رفض الاختصاصات التي حواها القرار السيادي؛ باعتبارها جانبت ما تم الاتفاق عليه مسبقًا. 

أُسُّ الخلاف

وبحسب بيان مجلس الوزراء، فإن ما نوقش في الاجتماع  المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء ووافق عليه مجلس الوزراء، حول دور مجلس الشركاء؛ كان قاصرًا – فقط – على أنه جسم تنسيقي لحل النزاعات والخلافات بين أطراف الفترة الانتقالية،  “ولا ينطبق هذا الوصف على الاختصاصات المنصوص عليها في قرار رئيس المجلس السيادي القاضي بتشكيل مجلس شركاء الفترة الانتقالية”.

وأشار البيان الذي مهره المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة والإعلام فيصل محمد صالح، بتوقيعه، إلى أنَّ القرار الصادر لم يأخذ في الاعتبار ملاحظات رئيس الوزراء التي أبداها في الاجتماع مع ممثلي الحرية والتغيير قبل يومين.  واعتبر مجلس الوزراء أنَّ الاختصاصات الواردة في قرار التشكيل، خاصة الفقرة التي تنص على منح المجلس – أي سلطات أخرى لازمة لتنفيذ إختصاصاته وممارسة سلطاته –   تعطي الانطباع بأنَّ المجلس سيكون وصيًّا على الأجهزة المختلفة، ما يتعارض مع الاتفاق السياسي والوثيقة الدستورية.

تمثيل المرأة والشباب

وقال البيان، أيضًا: “لم يضع تشكيل المجلس أي اعتبار لمُكونَي المرأة والشباب وهو ما يتعارض – أصلًا – مع النقطة الثالثة في الاختصاصات، ويتعارض مع الوثيقة الدستورية وأولويات الفترة الانتقالية التي تشترط إشراك النساء والشباب بصورة عادلة”.  وقال: “إنَّ سلطة الرقابة والمتابعة والمحاسبة وتوجيه الفترة الانتقالية هي سلطة حصرية للمجلس التشريعي بما يقتضي الإسراع في تشكيله بصورة موسعة وممثِّلة لكل قوى الثورة ولجان المقاومة والمجتمع المدني”.

وأضاف البيان قائلًا: “إنَّنا في مجلس وزراء حكومة الثورة، نتفهم تمامًا تحديات الانتقال، وتحديات الحكم – بصورته الحالية – التي فرضتها ظروف البلاد، وظللنا نسعي خلال العام الفائت لوحدة مكونات الحكم وعدم جرف البلاد للتشظي، كما إننا حريصون على وجود شركاء السلام في كل أجهزة الدولة من أجل تنفيذ الاتفاق وتحقيق السلام الشامل”.

وتابع: “إن واجبنا، كسودانيين أولًا وكجهاز تنفيذي وثِق به شعب السودان لحماية مكتسبات ثورة ديسمبر المجيدة، يحتم علينا إعلان عدم موافقتنا على تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية بصورته الحالية، وندعو جميع الأطراف لمراجعة قرار التشكيل والاختصاصات على ضوء الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية والتي تحدد مهام كل مستويات الحكم وتضمن عبور البلاد لبر الأمان”.

رفض وتهديدات

أزمة "مجلس الشركاء" تضع أطراف الانتقال في السودان على المحك
فيصل محمد صالح – وزير الإعلام السوداني

وجاء إعلان مجلس الوزراء  عدم موافقته على تكوين مجلس شركاء الفترة الانتقالية بصورته الماثلة، إثر موجات واسعة من رفض المكونات السياسية والثورية لقرار رئيس مجلس السيادة بتشكيل مجلس الشركاء وتهديدات بتحريك الشارع لمناهضتها. وشملت موجة الرفض حتى أولئك المنضوين ضمن تشكيلة مجلس الشركاء المعلن.

وكانت تسريبات صحفية نقلت تحفظاتٍ لرئيس الوزراء، على قرار تشكيل مجلس الشركاء. 

ويتمسك حمدوك، بضرورة أن يكون دور مجلس الشركاء تنسيقيًّا وتشاوريًّا ولا يتدخل في عمل الجهاز التنفيذي والتشريعي والسيادي، مع ضرورة أن يُضاف وزارء ضمن التشكيل والالتزام بتمثيل عادل للنساء والشباب. 

الشيخ على الخط

وانتحى القيادي بقوى الحرية والتغيير، إبراهيم الشيخ، ناحية صف رئيس الوزراء حمدوك، قائلًا على صفحته الرسمية بفيسبوك: “إنّ كلَّ السلطات التي صدرت بموجب المرسوم الدستوري الصادر من البرهان، لم يتمّ الاتّفاق عليها، مؤكّدًا أنّه اطَّلع عليها مثل أيِّ مواطنٍ في الأسافير”.

ابراهيم الشيخ القيادي بالتحالف الحاكم في السودان

وأضاف: “يجب تحديد صلاحيات المجلس بشكل قطعي لا لبس فيه ولا غموض ولا حمّالات أوّجه”.

وقال الشيخ، إنّهم اتّفقوا على مجلس تشاوري تنسيقي لفضّ النزاعات والتباين الذي قد ينشأ بين أطرافه وقد يستجدّ من قضايا وتفسيرات لاتّفاقية السلام. وأضاف: “هكذا اتفقنا وليس ثمة سبب لنقض ما اتفقنا عليه”.

المقاومة تصعِّد

وأعلنت لجان المقاومة رفضَها لتشكيل مجلس الشركاء، والتصعيد لمقارعته بالعودة إلى الشوارع؛ “التي لا تخون”.

كما أعلن تجمع المهنيين السودانيين، رفضه لما اعتبرها  محاولات مكشوفة لإجهاض الثورة، واعتبر ما جرى التفافًا جديدًا على تشكيل المجلس التشريعي، ودعا للمضي باتجاه التصعيد السلمي، وقال في بيان: “إنَّ مجلس الشركاء يمثل التفافًا جديدًا على آليات مراقبة وتوجيه الفترة الانتقالية، التي يمثلها المجلس التشريعي، والذي يجب أن يشكَّل بمعاييرَ تعكس وزنَ وتنوُّعَ القوى الثورية بالسودان”.

 وأضاف: “كلنا يقين أن شعبنا قادر على تكملة ما بدأ وتحقيق تطلعاته للحرية والعدالة والعيش الكريم”.

نصوص اللائحة

ويُنشأ، مجلس الشركاء، بموجب تعديل طرأ على الوثيقة الدستورية في أكتوبر الماضي، ويسمى “مجلس شركاء الفترة الانتقالية”، وتمثَّل فيه أطراف الاتفاق السياسي فى الوثيقة الدستورية، ورئيس الوزراء، وأطراف العملية السلمية الموقِّعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، ويحق للمجلس إصدار لائحة لتنظيم أعماله.

[wp-embedder-pack width=”100%” height=”400px” download=”all” download-text=”” attachment_id=”22485″ /]

وبحسب مشروع اللائحة المُنشأة بموجب المادة (80) من الوثیقة الدستوریة،  الذي تحصلت عليه “الجماهير”، فإنَّ مجلس شركاء الفترة الانتقالیة يتألَّف من 29 عضوًا: هم رئیس مجلس الوزراء، و5 ممثلین یختارھم المكون العسكري بمجلس السیادة، و13 ممثلًا یختارھم المجلس المركزي القیادي لقوى إعلان الحریة والتغییر، و6 ممثلین تختارھم أطراف العملیة السلمیة بجوبا، واثنين من الوزراء یختارھم مجلس الوزراء بصفة مُراقب، واثنین من أعضاء مجلس السیادة المدنیین یختارھم المكون المدني من مجلس السیادة، بصفة مُراقب ویكون رئیس مجلس السیادة رئیسًا لمجلس الشركاء؛ فيما يكون رئیس الوزراء رئیسًا مناوبًا، ویتولى الرئیس مھام رئاسة الاجتماعات والدعوة لھا حسب اللائحة المنظمة.

اختلافات بائنة

لكنَّ القرار الصادر من الفريق البرهان وحسب مصادر لـ”الجماهير”، ألغي فيه اختيار اثنین من أعضاء مجلس السیادة المدنیین الذين  یختارھم المكون المدني من مجلس السیادة، بصفة مراقب، وفقًا لما نصت اللائحة، وعَزَت المصادر، الإلغاء إلى تعنُّت حركات الكفاح المسلح.

ونصَّ قرار رئيس مجلس السيادة، بتكوين المجلس، على تسمية رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، عضوًا، وذلك، خلافًا للائحة التي نصت بأن يكون رئيسًا مناوبًا، وتضمَّن من المكون العسكري: أعضاء مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، شمس الدين كباشي، ياسر العطا، إبراهيم جابر، بجانب قائد ثاني قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو، الذي أثارت إضافته جدلًا واسعًا بين المكونات السياسية وفي الوسائط وقوى الثورة، باعتباره ليس عضوًا بمجلس السيادة. 

عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الإنتقالي

كما ضمَّ التشكيل من قوى  الحرية والتغيير، رئيس حزب الأمة القومي المكلف، فضل الله برمة ناصر، أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي، علي الريح السنهوري، رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر يوسف الدقير، نائبة رئيس حزب الأمة، مريم الصادق المهدي، رئيس المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي بابكر فيصل، بابكر فيصل بابكر، رئيس الحزب الوطني الاتحادي، يوسف محمد زين، الأمين السياسي لحزب البعث القومي، كمال بولاد، رئيس الحزب الوحدوي الديمقراطي الناصري، جمال إدريس الكنين، القيادي المهني، محمد ناجي الأصم، طه عثمان إسحق، الأمين السياسى للحزب الجمهوري، حيدر الصافي شبو، معاوية حامد شداد ومن تيار الوسط، محمد فريد بيومي.

ومن الجبهة الثورية رئيس حركة تحرير السودان، منى أركو مناوي، حركة جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي، ورئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس، رئيس الحركة الشعبية – شمال، مالك عقَّار، رئيس حركة العدل والمساواة، جبريل إبراهيم، رئيس مسار الوسط، التوم هجو، رئيس تجمع قوى تحرير السودان، الطاهر أبو بكر حجر، وقائد التحالف السوداني، خميس عبد الله أبكر، فيما خُصص مقعدان يسمَّيان – لاحقًا – من مُخرجات مؤتمر سلام شرق السودان.

مناوي ينتقد

وأبدى رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، اعتراضًا على تشكيل المجلس، وقال لدى حديثه بمنتدى “كباية

رئيس الجبهة الثورية السودانية، رئيس حركة جيش تحرير السودان، مني أركوي مناوي

شاي” بصحيفة التيار الخميس، لماذا تمثل الحرية والتغيير بـ13 مقعد، أنا أرى أنها كثيرة، وأضاف: “صحيح هناك أحزاب كبيرة مثل حزب الأمة والمؤتمر السوداني، ولكن هناك أيضًا مظلات فارغة”.

وأعلن حزب الأمة القومي عن رفضه لقرار تكوين المجلس بصورته الحالية كاشفا عن اتصالات مع جميع الشركاء لتصحيح ما وصفها بالتجاوزات خاصة فيما يتعلق بصلاحيات المجلس واعتبرها تغولاً على الأجهزة الحكومية الأخرى.

كما أن قادة مسار الشرق المضمن في اتفاق السلام هددوا بالانسحاب من الاتفاق حال عدم قبول تسمية مرشحيه للمجلس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ