عادل الباز

هاجر وأماني.. جديرتان بالاحتفاء

فيما أرى

عادل الباز

الأسبوع الماضي كان مميزا بمجهود صحفيتين مميزتين هما هاجر سليمان وأماني شريف. هاجر سليمان أجرت حوارا مثيرا مع اللواء محمد عبد الله النعيم مدير مكافحة المخدرات ونشرته جريدة السوداني والذي قال فيه: “كنا حريصين كل الحرص على أن تمر تلك الحاويات من الجمارك حتى نتمكن من ضبط الجناة الحقيقيين المتورطين في القضية، إلا أن خططنا في كل مرة كانت تفسدها قوات الجمارك، ربما دون قصد حيث تقوم بالكشف عن الحاويات وضبط المخدرات وإضاعة الخيوط التي كان من الممكن أن تقودنا للجناة الحقيقيين”.. وقد وجد الحوار تقديرا كبيرا من أهم كتاب الصحافة السودانية. الأستاذ ضياء الدين بلال بدأ التعليق معتبرا أن إفادة مدير مكافحة المخدرات تكشف عن صراع مستمر بين جهازين من أجهزة الدولة داخل وزارة واحدة هي الداخلية.!!. وطالب ضياء أعلى سلطة في الدولة بالتحقيق في ما جاء في الحوار.. وتبعه الأستاذ الطاهر ساتي، ثم تناوله بالتحليل والإضافة الصديق محمد لطيف.
ولا شك أن حوارا يستأثر بأقلام ثلاثة من كبار الكتاب خلال أسبوع لابد أن يحظى بعناية من السلطة، ولكن للأسف لا زالت الحكومة (مصهينة) من الموضوع وكأنه لا يعنيها!!. إذا كانت الحكومة لا تهتم بأمر المخدرات ولا الصراعات بين أجهزتها المختصة (مكافحة المخدرات والجمارك) فبماذا ستهتم يا ترى؟.
المؤسف أن الصحافة سرعان ما تنصرف عن قضاياها التي تطرحها من دون أن تصل فيها إلى نتيجة كأن واجبها ينتهي بانتهاء النشر وإبلاغ الحكومة، أعتقد أنه من واجبنا ألا ندع السلطات ترتاح، إذ لابد من ملاحقة ما نطرحه من قضايا حتى نصل فيها إلى نتيجة، ولنا بعض التجارب المهمة، فمتابعة الصحافيين والكتاب لموضوع بنك السودان والأدوية هو الذي دفع الأجهزة العدلية للتحرك، وكذلك قضية أسعار الدواء. يمكننا إصلاح كثير من الاعوجاج بالمتابعة لأداء دورنا بفعالية أكثر.
تستحق الأستاذة هاجر الإشادة والتقدير، لأن الحوار أضاء جانبا مظلما ومحيرا في قضية المخدرات.
أماني شريف
رغم سعادتي الغامرة بمنحها جائزة الإبداع والتميز لذوي الإعاقة الخميس قبل الماضي، وذلك بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للأشخاص ذوي الإعاقة الذي تقيمه الأمم المتحدة، إلا أنني حزين لأن الزاوية التي تناول من خلالها الكثيرون استحقاقها لتلك الجائزة هي الإعاقة فقط، وفي ذلك ظلم لها. فالأستاذة أماني شريف التي تشرفت بمعرفتها منذ زمن بعيد، ووقفت على جهدها الصحفي النوعي في مجال توثيق الذاكرة السودانية، وعطاؤها المتواصل لأكثر من خمسة عشر عاما في مختلف الصحف السودانية هو الذي ينبغي أن يكون مدخل تقييمها ولا شيء غيره. فأماني صحفية نابهة وذكية ومجتهدة تعمل على مادتها بالصبر الطويل والجميل في دهاليز الأرشيف وتغوص عميقا في صفحاته القديمة فتخرج بالدرر. وهي، إضافة إلى تميز اختياراتها، لديها طرائق صياغة معبرة ومختصرة, ولا يمكن أن تمر على صفحتها التي تعدها بالتزام مدهش من دون أن تلتقط شيئا من اختياراتها الذكية.
قالت أماني في حوار لها مع صحيفة الشرق الاوسط: “المعاق ليس كمًا مهملاً، بل يمكنه الفعل والتفوق، ولا إعاقة مع الإرادة”، من هذا الباب فقط باب الإبداع والتميز الصحفي تستحق التكريم والجائزة التي أتتها من منظمة تتهم بذوي الاحتياجات الخاصة ليست عطفا إنسانيا، بل احتراما وتأكيدا لجهدها الصحفي المتميز عبر مسيرة طويلة وحافلة بالإنجاز. أستاذة أماني، ستظلين واحدة من العلامات المميزة في صحافتنا السودانية بجهدك المميز وروح الزمالة السمحة التي عرفك بها كل من عمل معك.. لك خالص تقديرنا ومودتنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ