رأي

أوراق متناثرة من الهامش إسقاط حمدوك ليس طريقاً سالكاً للحلول العاجلة

حسن حامد السيد نورالدين
الاعتقاد الجازم بإسقاط د. عبدالله حمدوك من قبل المهووسين دينياً، أو بالأحرى المحورين وراثياً، ليس طريقاً للحلول العاجلة، بل فتح نفاج جديد للعسكر بإعادة القطط السِمان عبر المؤسسات الاقتصادية، التي تحدث عنها د. حمدوك، وتقدر بـ (82%)، بل كانت تلك الأموال تذهب هباءً منثوراً، و(18%) تذهب للموظفين في الدولة.
تلك هي الحقيقة، الحالة الراهنة تنذر بمجاعة مبكرة، في وقت تتزايد فيه أسعار الوقود يوماً بعد يوم، ويتزايد جشع التجار بمعاونة اتحادات المزارعين والغرف التجارية والبنوك، خاصة في المناطق التي شهدت الحروب، لاستغلال هذا الوضع الهش، وفي غياب تام للرقابة، وهناك خروقات مقصودة من (نفس الزول)، أملاً منها في استدرار البكاء على اللبن المسكوب.
انعدام مسؤولية الدولة، بمكونيها المدني والعسكري تجاه الشعب، أوقع البلاد ألعوبة في أيد غير أمينة (عايرة وأدوها سوط).
استراتيجيات الهامش للأبعاد الأمنية :
لم يكن الهامش ظهيراً أيمن أو أيسر لنجاح مباراة العسكر أو الشق المدني المعطوبة، بأفكار مهترئة لصالح أحزاب تعمدت الأخطاء في البرنامج السياسي والتخطيط.
والهامش الجغرافي لم يستطع قراءة أو فتح كتاب طيلة فترات النكبات، لكنه يستطيع إطلاق ألف رصاصة في جبين أي متسول باسم الثورة. وفي تأريخ القوات المسلحة في العالم، لا توجد ازدواجية للمؤسسات الأمنية.
ما دفعني لكتابة هذه الأوراق المتناثرة، هو الاختلال بين مكوناتها، والذي سيكون له تبعات قد تفضي إلى كوارث حقيقية. ولكن، هناك تساؤلات: أين الوثيقة الدستورية التي قالت بدمج كافة المليشيات؟!
فشل الوثيقة واحدة من الأجندات الخفية المشتركة بين المكون العسكري بقيادة البرهان، والمكون المدني بقيادة حمدوك، (لو ما متنا، شقينا المقابر). كذلك اتفاق جوبا بين الجبهة الثورية والحكومة الانتقالية، ما هي الأسباب التي أدت إلى تأخر تنفيذ بند الترتيبات الأمنية في إصلاح المؤسسات الأمنية، ودمج كل هذه القوات، وتلك نقاط ضعف من الحكومة الانتقالية .
تخوف النخب السياسية من تفاقم أمر المليشيات:
ليس متوقعاً أن تكون المليشيات المتعددة التي أفرزتها حرب دارفور سنداً للجيش الوطني الواحد المنشود، متحالفة معه، كقوات موازية، فما بينهما من مسافة أبعد مما بين الثرى والثريا، لأسباب نعرفها (النجيض الفي العوير ما يسرع).
الحالة الراهنة عبارة قنابل موقوتة ستقود البلاد إلى مشاكل عويصة، قوات الجبهة الثورية خاصة، سيتعثر دمجها في ظل: شُح الموارد، وانعدام الثقة، وفقدان المصداقية بين الدولة والشعب، قد يحدث تقارب فيما بينها كاستراتيجية جغرافية وإثنية.
فقد ظلت مناطق الهامش وإنسانها نتاجاً لهذه الهضربة بالمليشيات لإثبات هويتها بقوة السلاح لا بسيادة حكم القانون. أما النخب السياسية، فقد أصبح همها هو المحاصصات الدستورية فقط، دون المواطن، لأنهم عبارة عن شلليات متقزمة، تعلمت التملق والصلف السياسي.
(قحت) أزمة الراهن لقوى الهامش السوداني، نقص الامتيازات من قبل النخب يعني المتاجرة باسم الحروب، ودلق الأموال للبنوك الخاصة. هكذا هم، ومن ينكر ذلك فليُراجع نفسه (لا تنسوا مخ البليد لو فتح ما بتلحق).
كيف الخروج من الأزمات من السقوط إلى الصعود؟!
أولاً: المواطنة المتساوية، كيف؟ !
الدولة ليست ملكاً لأفراد حتى يستطيع الوطني المندس والمستبطن بخيانة الشعب اختطافها. السودان للجميع، وبناء جنرالات ومارشالات لإثنية محددة واحدة من مهددات الدولة القُطرية، لأنها مبنية لأغراض سياسية.
ثانياً: شكل الدولة ونظام الحكم:
من أعطى الحق في إعطاء الآخر (20% أو 40%)؟! من فوض من؟! كفاشي أو مدني؟! ولماذا يجعلون الدين خميرة عكننة في أغراض أنظمة الحُكم والإدارة؟! لابد أن يكون الدين على مسافة واحدة بين الدولة والشعب .
تقسيم الموارد بين الهامش والمركز:
لا يمكن لدولة عمرها ستة عقود ومتخلفة اقتصادياً، ثقافياً، وفكرياً، ودول أخرى كانت تعيش حياة العوز والمسغبة، وتخطو الآن نحو العالمية. لماذا تُدحض مثل هذه الحقائق من قبل القوى الظلامية التي ادعت الوطنية الفاشية؟! هل الهامش السوداني أصحاب قضية لا مجرد مصلحة، لذلك يرفع شعار (حقنا كامل وما بنجامل)؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: شارك الخبر، لا تنسخ